
الأنوثة بين العار والغيرة
الأنوثة ليست مجرد شكل أو مظهر، بل هي روح، وجمال داخلي وخارجي، ووعي، وصدق مع الذات.
هي القدرة على التعبير عن النفس، والاعتزاز بالمعرفة والثقافة، والعيش بتوازن بين الجمال والفكر.
ومع ذلك، في كثير من المجتمعات العربية، وُصِم الجمال والأنوثة الراقية واعتُبِر إبرازها عارًا، رغم أن الدين يذكر أن الله جميل ويحب الجمال، وأن الإنسان من ذكر أو أنثى خاطبهم الله بالاعتناء بمظهرهم عند الذهاب إلى المسجد، كما في قوله تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ» (سورة الأعراف، الآية 31)
والمجتمع مع الأسف الشديد غالبًا ما صور للمرأة المتعلمة والمثقفة بصورة نمطية: شعر منكوش، أظافر غير متناسقة، بشرة شاحبة، شفتان صحراويتان، وعباءة رثة تسحب وتُنظف الأرض من الغبار.
كل ذلك ليقنعها أن أنوثتها خطأ، وأن تميزها أو توازنها تهديد للمعايير المفروضة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فالمتشدّدات من النساء اللواتي اعتنقن معايير المجتمع الصارمة، يغرن من أختهن الأنثى المتوازنة، ويستخدمن الصور النمطية كأداة اتهام، محاولات لتقويض كل امرأة تعبر عن ذاتها بصدق.
هؤلاء حولن الأنوثة الطبيعية إلى هدف للنقد واللوم، فأستمر الحصار، داخليًا وخارجيًا.
ومع مرور الوقت، أصبحت الأنوثة سجينة هذه الصورة المزدوجة: حرب المجتمع الذكوري، وتشدد بعض النساء اللواتي يزرعن العار مكان الفخر.
همسة: الحرية الحقيقية للمرأة ليست مجرد تمرد على القواعد وعلى المجتمع، بل استعادة الحق في التعبير عن أنوثتها ومعرفتها وثقافتها دون خوف من الحكم أو الانتقاد.
كل محاولة لفرض صورة واحدة عليها هي محاولة لتطويع روحها، والروح لا تُطوّع إلا بانصهارها في صدقها مع ذاتها.
والأهم أن الاهتمام بالمظهر والأناقة الشخصية لا يتصادم أبدًا مع تغذية العقل والفكر، فالأناقة والوعي الفكري وجهان لعملة واحدة، وتعكس التوازن الحقيقي للمرأة التي تعرف قيمتها وتعيشها بحرية وكرامة، وليس بالرضوخ للصور النمطية أو لتشدّد الآخرين.