
الجيرة التي لايفرط بها !!
كثيرا مانتساءل عن حالة التعايش التي نتشارك فيها في مجتمعاتنا عامة ..كيف تبدأ ..وبماذا تنتهي ..وكيفية استمرارها للأجيال القادمة .. قبيل نحو نصف قرن كان للجار مكانة وهيبة لايمكن لنا تجاوزها..الجار هو بمثابة الاب لكل الاقران والساعي دوما لمصلحة من حوله .
أذكر في صباي شمال المملكة حين كان والدي مرابطا مع الجيش في حرب الكرامة بالاردن وبعدها حرب اكتوبر على هضبة الجولان لم تكن حياتنا على مايرام ..بيت من طين بلا سور وقليل جدا من الزاد .. ولم تكن هناك بنوك للتحويل المتعارف عليه الان لكن كانت هناك جيرة بمليون بنك تقدم لبعضها البعض مايمكن ان يساعد على استمرارية الحياة حتى يأتي مدد المال البسيط .
بالأمس افتقدت جار لي يعد من أنبل الرجال واطيبهم ..كان العم معيوف العصيمي العتيبي "ابو عواض" نعم الجار لنا في تعامله الابوي ونصحه الدائم للجميع ..عرفت "ابي عواض" منذ نحو عشرون عاما طيب النفس والمعشر ذو مبسم ضاحك وبشوش ..لم نرى خلال جيرتنا له إلا كل خير وسؤال دائم عن الاهل والأولاد وان غاب كبيرنا نراه حولنا يتصيد الوقت ليقدم خدمة أب للجميع .
كان العم معيوف يعبر الشارع خجلا ويسأل على استحياء ان كان من في البيت ينقصه شيئا ..ورغم كل تلكم البساطة التي نراها في شخصيته لكنه صاحب عزيمة قوية لايهدأ ابدا حين يرى مايعكر صفو جيرانه ..اليوم إفتقدنا جارا نفيسا كنفيس الجواهر ،وقد سبقه بعدة اشهر جارا آخر لنا لايقل عنه شيمة وكرما وطيبة نفس ذاك أبا حامد الجهني "احمد ابوسلة" الذي آثر في الجميع فقدانه .
كان كريم السجايا مقدام لفعل الخير إبتنى وابناؤها الكرام مسجدا في الحي ليصبح منارة دائمة بعون الله وهو من الرعيل الأول لرجال تختزن دواخلهم العفة وطيبة النفس .
رحم الله اولئك الطيبين الذين زرعوا فينا كل معاني الشيم ورحلو عنا تاركين لنا أثر نفوسهم الكريمة لاعمال جليلة يخلدها لهم التاريخ للأبد.