الوُقُوب
كلما دعاه الشفق أصبحت دقاته توجس لنبض الشغف وفي عينيه ألمٌ لم يولد بعد يستنبيء بين خفقاته عن عتمة الظن وعن خيال سراج اللهب ودربه قد تعلق بغيم الرياح وهي تنحني لوشوشة الصباح أهو الضوء قد شاخ في مخاض الحقيقة أم أنه الفجر قد تاه في روض الحديقة .
تلك كانت أنغامه الرشيقه التي سرت نحو أفقه الفضفاض عبر طبقات شاله السندسي الذي كان يتفرد بألوان قوس قزحه عند ملتقى الأفول . وقد كان بزوغه الذي عاقر الهرع نحو الرياض البراقة بإغراءٍ يُحلق بالثرى عبر جوانح تستجلب الريح ليتنقى الماء ببشاشة الشفق .
وبينما هي كذلك قد تجذب من فراغها من كان أليفاً لها في مسار مهجتها من ورودٍ خُزامية تسعى دائبةٌ أن تهجع بولع في صدر باصرة الشمس ولا تكتفي كما فعلت مثيلتها بظلالٍ من بهاء وإنما لتغفو على محيط الشعلة بتمامها .
أهي الحسرةُ ياتُرى عادت بكل المهجة إلى حواف أصابعه في أوان تجعدت فيه ممرات الزنقات والمسالك المعهودة حتى لاحت معالمها جاحظة للعيان منقوشة على أصابع أقدامه التي أراقها الإعياء خلف المحبرة ولا مِرقَم إلا من أضلع باتت واهنه .
أهو السُخط على ذكرياتٍ قد أدبرت ولازالت نقط برها تُنعش ماهو منحوت على أوراقها منذ أيام الصبا ونشوة الشباب .. أم أنه التوق إلى حمرة الأفق التي يراها دائماً أمام إدراكه تعدو بهناءه فيها غزارة الشجى على تلك الشفاه الجافة .
ربما كذلك وربما سرمدة الرجاء المِفرط الذي يعتريه بين حين وآخر . فليس جوهرياً أن تغرس سطوراً تخطو عليها في هذا الإرتحال المُضني طالما تؤانس ماتفعل من عدوٍ غالب فاستدامة الظواهر الباهرة عاده تكتظ بها الذات الساكنة ولاترغب أن تغرب عنها وهذا هو المُرتقب منها بشكل غريزي .
فهي تستمد ابتهالها من رُواء الجمال وهمس السكون في فراغ السراب المُسافر عبر متاهة المُحال وهو وليدٌ يحنو إلى حشرجة الموج عندما تتناثر خطاه في وثبة الماء .
وذلك هو الصواب نقيض أولئك القارعون لصدى ظمأهم وأناتهم قد نفذت من خلال ثُلمة ضحكاتهم العابرة بألوانها الدامسة والتي توفد الخَرَع في قاع تلك الأوجه الوديعة ومهما يكن من أمر فالحياة آسرة خلابة بمافيها وبعض من فيها فاللُّجَّة المستلقيه قد تفنى وسط الغَمَار وقد تحيا وتذهل القتام فلا غرو إذا من الحنين إلى رداء ندى الأحلام وفجرها النقي والذي يسمو بك نحو زخات الودق تلك الزخات التي تمنح النشوة لفوح الشذى وزهو الزنابق ونسيم الأزاهير !!!
