تقبّل الواقع بكل رحابة
قد تضطرنا ظروف الحياة المتقلبة في بعض الأحيان إلى أن نجد أنفسنا وسط واقع لا يريحنا، في أماكن لا تشبهنا، أو مع أشخاص لا نفهمهم ولا يفهموننا.
أو نجد أنفسنا في بيئة مختلفة، وذلك لاعتبارات حياتية متعددة في رحلتنا في هذه الحياة، وقد يصعب التأقلم وتقبّل الواقع الجديد الذي فرضته علينا تلك الظروف، وبالتالي قد يصعب التعايش مع التغيير الحاصل.
ولكن لا بد لنا من وقفة نتأمل فيها ذلك الواقع الذي فُرض علينا قسرًا.
أول خطوة يجب إدراكها هي التكيّف، وإدراك أن الواقع قد تغيّر بالفعل، وأنه لا بد من مواجهة ذلك الواقع الذي اختلف عن تطلعاتنا وأحلامنا. ولا بد أن نفكر بجدية، وأن ندرك فعليًا أن جمال الحياة يكمن في قدرتنا على تقبّل ذلك التغير، والتعايش مع الواقع الجديد، والتأقلم مع كل تفاصيله بأريحية، لأن ذلك التقبّل سيعكس مدى النضج والفهم العميق للواقع الذي سنعيشه.
إن التعايش لم يكن يومًا دليلًا على الضعف أو الاستسلام، بل على العكس تمامًا، هو قوة ثابتة من الصبر، وهو القدرة على فهم الظروف والأحوال والتكيّف معها، حتى وإن كانت غير مرضية.
التعايش حكمة وليس خضوعًا، وهو الذي يُظهر لنا مدى إدراكنا لحدود قوتنا وحدود الواقع. لذلك، من الأنسب لنا أن نختار أن نحيا برضى نسبي، أفضل بكثير من أن نحترق داخليًا في مقاومة لا طائل منها.
وبدون شك، قد لا يكون تقبّل ما لا نستطيع تغييره أمرًا مرضيًا، ولكن مع الوقت قد يُحسّن ذلك جودة حياتنا إلى حد كبير.
الحياة، بطبيعة الحال، إنما هي تجارب ومتغيرات تؤثر على مسيرة حياتنا بشكل أو بآخر، ولكن قد نستطيع تجاوزها بالتفاؤل والأمل والثقة بالله بأن كل شيء سيتغير إلى الأفضل، وأنها مجرد ظروف ستنتهي يومًا.
تأكد عزيزي القارئ أن القوة الحقيقية ليست في الرفض، بل في التحمّل الواعي ..
أحيانًا تكون القوة في تحمّلك، وفي المضي قدمًا في ما لا يريحك، وأنت تعلم جيدًا أن لك هدفًا أكبر.
القوة أن تزرع البهجة في قلبك رغم أن كل الظروف حولك لا تساعدك..
جميعنا نعلم وندرك أن الحياة ليست مثالية، ولن نعيشها كاملة كما نتطلع، لكن التقبّل هو جزء من رحلتنا، وهو ما يصقلنا ويعلّمنا الصبر.
ومع كل تجربة نتجاوزها، سنخرج أقوى، وأكثر وعيًا بما نريده فعلًا.
فلا تحزن إن كنت الآن في مكان لا يشبهك، ربما يكون هذا المكان هو الذي سيقودك يومًا إلى حيث تحلم أن تكون.





