على هذا الكرسي تم تنفيذ آخر حكم إعدام في برج لندن

خاص
خلال الحرب العالمية الثانية، كثفت بريطانيا جهودها لملاحقة شبكات التجسس الألمانية التي تسللت إلى أراضيها بهدف نقل معلومات حساسة أو تنفيذ عمليات تخريب، وتم تنفيذ أحكام الإعدام بحق كل من ثبت تورطه في التجسس لضمان نجاح هذه الحملات.
وكان الجاسوس الألماني جوزيف جاكوبز أحد هؤلاء الذين أعدمتهم بريطانيا عام 1941، ليصبح آخر شخص يعدم في برج لندن، الذي اشتهر على مر القرون بكونه سجنًا ومقرًا لتنفيذ أحكام الإعدام.
ويعود استخدام برج لندن في تنفيذ أحكام الإعدام إلى العصور الوسطى، إذ شيد البرج الأبيض عام 1078 على يد ويليام الفاتح، وكان رمزًا للقمع والسلطة، واستخدم لإعدام شخصيات بارزة في تاريخ بريطانيا مثل آن بولين وكاثرين هوارد وتوماس مور ووليام لود.
وجاءت إعدامات الحرب العالمية الثانية في سياق قانون الخيانة الذي أقره البرلمان البريطاني في 23 مايو 1940، بعد تولي ونستون تشرشل رئاسة الوزراء، ما سهل ملاحقة الجواسيس الألمان وإعدامهم.
وولد جاكوبز عام 1898 وعمل ضابطًا في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى، قبل أن يمارس مهنة طب الأسنان حتى أزمة الثلاثينيات الاقتصادية التي أجبرته على إغلاق عيادته، وللحصول على المال، لجأ إلى الاحتيال والتزوير، حيث طبع هويات وجوازات سفر مزورة لليهود الفارين من ألمانيا، ما أدى إلى سجنه عام 1938 في أحد معسكرات الاعتقال.
وفي عام 1940، انتدب جاكوبز للعمل لصالح الاستخبارات العسكرية الألمانية، وأرسل في 31 يناير 1941 في مهمة إلى بريطانيا، وخلال هبوطه بالمظلة قرب منطقة هونتنغدونشاير، أصيب في ساقه ومنعته الإصابة من الحركة، مما أدى إلى لفت انتباه فلاحين محليين الذين أبلغوا السلطات، وعثر بحوزته على جهاز اتصال ووثائق مزورة و500 جنيه ونقانق ألمانية.
وبعد التحقيق معه، حوكم جاكوبز بتهمة التجسس وصدر بحقه حكم الإعدام رمياً بالرصاص، وفي 15 أغسطس 1941، اقتيد إلى برج لندن، حيث أجبر على الجلوس على كرسي معصوب العينين بسبب إصابته، ثم أعدم ليصبح بذلك آخر شخص يعدم في البرج، الذي شهد عبر تاريخه الطويل العديد من عمليات الإعدام منذ تشييده قبل مئات السنين.

