
قل "سلامًا" وامضِ في طريقك
في زحمة الحياة وصخبها، نجد أنفسنا كثيرًا أمام مواقف تستفزّنا، وأشخاص يحاولون جرّنا إلى دوامة من الجدال والخصام الغير مبرر. بينما يغرق البعض في ردود الفعل والانفعالات، هناك من يختار طريقًا آخر أكثر وعيًا وسلامًا: أن يقول "سلامًا"، ويمضي في طريقه.
هذه العبارة الموجزة، تحمل فلسفة عظيمة في التعامل مع الحياة والناس. إنها ليست مجرد رد مهذب، بل أسلوب حياة يعبّر عن الرفعة النفسية والنضج العقلي والسمو الأخلاقي.
قال تعالى :وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"
جاءت هذه الآية في سورة الفرقان، في وصف "عباد الرحمن"، الذين يتميزون بالحِلم، والسكينة، وضبط النفس، حيث قال تعالى "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا هي ليست دعوة للهروب، بل دعوة للارتقاء والسمو بالنفس "الجاهلون" هنا هم كل من يتحدث بجهل، أوبسوا نية، أو بانفعال، بينما "السلام" هو ردّ العقلاء الذين يعلمون أن الجدال مع من لا يسعى للفهم مضيعة للوقت والطاقة.
فكم من خلاف بسيط تحول إلى عداء دائم فقط لأن أحد الطرفين لم يعرف متى يقول "كفى"، ويمضي؟ "قل سلامًا" دائما ولأتردد فذلك قد يكون هو الجسر الذي ينقذ العلاقات من الانهيار.
"قل سلامًا، وامضِ في طريقك" ليست مجرد كلمات، بل راية يرفعها كل من يريد أن يحيا بسلام نفسي، ويبتعد عن معارك لا تليق به. إنها فن من فنون الحياة الراقية، واختيار لا يقدر عليه إلا من عرف نفسه جيدًا، وقرر أن يسلك طريق النور لا طريق الضجيج.
ففي عالم يصرخ فيه الجميع ليثبتوا أنفسهم، كن أنت ذاك الذي يهمس "سلامًا"، ويعلو فوق الجميع.