
هل إضافة يوم واحد سيغير وجه العالم؟
بتاريخ September 30, 2025 وبينما أقود سيارتي ومنصتاً لراديو باللغة الإنجليزية: تفاجأت من تصادف مقطع من أغنية أمريكية "" Wake Me Up When September Ends، بدأت أفكر بهذه المصادفة العجيبة. فكما هو معلوم الشهر التاسع الميلادي يبدا بتغيير المناخ وغيرها من الأحداث. على كل حال: كان هناك حديث عن تخصيص أربعة أيام عمل بدلاُ من خمسة أيام في دولة فنلندا، تبين أنه اقتراح مضى عليه خمس أو ست سنوات من قبل رئيسية الوزراء الفنلندية السيدة. سانا مارين، كجدول عمل مرنا في البلاد، حيث سيعمل الموظفون أربعة أيام في الأسبوع وست ساعات يومياً.
وقالت السيدة. مارين: "أعتقد أن الناس يستحقون قضاء المزيد من الوقت مع عائلاتهم وأحبائهم وهواياتهم وجوانب أخرى من الحياة، مثل الثقافة. قد تكون هذه هي الخطوة التالية لنا في الحياة العملية". وأضافت: "من المهم السماح للمواطنين الفنلنديين بالعمل لساعات أقل، الأمر لا يتعلق بالحكم بأسلوب أنثوي، بل بتقديم المساعدة والوفاء بالوعود للناخبين".
تتبع فنلندا حاليا اتفاقية ساعات العمل لعام 1996، والتي تتيح للعمال تعديل ساعات عملهم ببدء أو إنهاء العمل قبل أو بعد ثلاث ساعات. ولتحسين علاقة الموظفين وإنتاجيتهم، اقترحت مارين سابقاً أسبوع عمل أقصر عندما كانت وزيرة للنقل. في السويد، دخلت خطة العمل بست ساعات يومياً حيز التنفيذ منذ عام 2015. وبعد تطبيقها، وُجد أن الموظفين أصبحوا أكثر سعادة وثراءً وإنتاجية. في أغسطس من عام 2019، أطلقت مايكروسوفت تجربة أسبوع عمل لمدة أربعة أيام في مكتبها باليابان، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 40%.
أعادت النتائج الواعدة لتجربة أسبوع عمل لمدة أربعة أيام في المملكة المتحدة إحياء النقاش في فنلندا قبل انتخابات أبريل. في التجربة البريطانية التي روجت لها منظمة "4 Day Week Global"، جرب ما يقرب من 3,000 موظف في 61 شركة أسبوع عمل مدته 32 ساعة. بعد ستة أشهر، أفاد 39% منهم بانخفاض توترهم، و40% بتحسن نومهم، و54% بتوازن أفضل بين العمل والحياة. سارع اليسار السياسي في فنلندا إلى جمع النتائج وضمها إلى حملته الانتخابية الجارية. ساد جو من التفاؤل داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، حين طرحت زعيمته، رئيسة الوزراء سانا مارين، الفكرة لأول مرة عام 2019. في حين أُسقط الموضوع عام 2019، منحت المملكة المتحدة الفكرة حياة جديدة. على سبيل المثال، اقترح نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، ماتياس ماكينن، إجراء استطلاع رأي واسع النطاق حول أسبوع عمل من أربعة أيام خلال الدورة البرلمانية القادمة. ولإعطاء هذا الاقتراح وزناً أكبر، أشار ماكينن إلى استطلاعات رأي تُظهر أن الإرهاق الوظيفي والشعور بالضيق أصبحا مرضاً وطنياً. كما حظي هذا الاقتراح بدعم من رئيسة تحالف اليسار، لي أندرسون. غرّد أندرسون قائلاً: "رائع! لقد كانت نتائج التجربة البريطانية ثورية ربما يتطور النقاش حول الحياة العملية في فنلندا تدريجياً".
في بيانها، اقترحت المنظمة المركزية للنقابات العمالية الفنلندية (SAK) تجربة تطبيق نظام ساعات العمل بنسبة 80% إلا أن ردود فعل اليمين السياسي جاءت على النقيض تماما. وصف أرتو ساتونين، النائب عن حزب الائتلاف الوطني الليبرالي المحافظ، الفكرة بأنها "سخيفة"يجب زيادة ساعات العمل لا تقليلها، لأن الشركات تعاني بالفعل من نقص في العمالة. كما أصدر اتحاد الصناعات الفنلندية (EK) بياناً مشابهاً. ولإرضاء جميع الأطراف، أعلنت وزارة الشؤون الاقتصادية والتوظيف أنها ستحدد بحلول نهاية مارس أفضل السبل لإجراء تجارب على ساعات عمل أقصر.
بعد قراءه هذا المقال الموجز والبسيط، نلاحظ اختلافات وتوجهات عديدة من بينها: فكرة أسبوع العمل المكون من أربعة أيام مطروحة منذ فترة طويلة، وتظهر بين الحين والآخر. وقد تم وسيجري تعيين فرق عمل لدراسة الفكرة وكيفية تحقيقها. وهذا هو الحال الآن أيضا، ترغب الحكومة الجديدة في دراسة فكرة أسبوع العمل المكون من أربعة أيام، وسيتم تعيين فريق عمل سيضم الفريق ممثلين من مختلف الجهات الحكومية، ونقابات العمال ونقابات أصحاب العمل، ومجموعات أخرى ذات مصالح مختلفة. يعتقد بأن لن تتقبله الصناعات الثقيلة، وكبار أصحاب العمل، ونقابات أصحاب العمل، وستعارضه بعض جماعات المصالح الأخرى بشدة. إذا أُقرّ هذا التشريع يوماً ما، فسيستغرق سنوات طويلة من العمل.
الأمر الأخر المطروح لدى الرأي الغربي، ما مدى نجاح القدرة على المنافسة مع أسابيع عمل من أربعة أيام؟ يعتقد أن السؤال المطروح في فنلندا يتعلق بمدى إنتاجيتنا وكيفية تحقيق فائض الاقتصاد الوطني. ويرتبط هذا بالاقتصاد العالمي: فقد اختفت العديد من الصناعات عملياً من فنلندا بسبب نقل الإنتاج إلى دول أرخص. في الوقت نفسه، تحقق الشركات الفنلندية أرباحاً طائلة في الأسواق العالمية، بمنتجات تُنتج في دول أرخص وتُباع في الأسواق العالمية. تُحقق هذه الشركات فائضاً كبيراً وإيرادات ضريبية لفنلندا. يتم تمويل نظام الرعاية الاجتماعية لديهم من هذا الفائض. إذن، يتعلق الأمر بكمية العمل التي نحتاجها هنا، طالما أن الصناعة الفنلندية قادرة على خلق ثروة لنا من خلال استغلال العمالة الرخيصة في دول أخرى وتحقيق فائض في السوق العالمية. وهذا مرتبط ببعض المشاكل المحلية (الفنلندية) مثل:
* ارتفاع معدل البطالة
* الشيخوخة
* انخفاض معدل المواليد
وليست فلندا وحدها تعاني من هذه المشاكل، ولكنها شائعة في معظم الدول الغربية إن لم يكن جميعها. ولذلك يجب تحديد الأولويات ودراسة المبادرات من جميع النواحي، خاصة أن بعض الدول الشرقية تعاني التضخم في التعداد السكاني وارتفاعات معدلات البطالة. أعتقد، تغيير المناخ العالمي واحدة من اهم الأسباب التي لها صله بنشاطات البشرية في جميع بلدان العالم. فتقليل ساعات العمل أو تقليص أيام العمل يكون بمقابلها معادلات لمشاريع وساعات وورش عمل لبناء وخلق توازن بيئي، ومراكز صديقة للبيئة وتنمية مستدامة، وتطبيقها على أمر الواقع.
فكثير من الدول الإسلامية والعربية تعاني ولازالت من تأثيرات التعداد السكاني الهائل وتراجع المسطحات البيئة بفعل الحروب والنزاعات والمآسي والاقتصاد الغير محسوب عواقبه. خاصة الدول الكبيرة في المساحات ذات الموارد الطبيعية الهائلة. فمعادلة اليوم الواحد أو تقليل ساعات العمل يرادفه التعاون الإسلامي والدولي من متخصصين متعددين بمجالات مختلفة، أمراً مطلوب دراسته من أجل أجيال وغداً أفضل.